الثانى : هو أنه ما من معلوم ، إلا ويجوز أن يخلق الله ـ تعالى ـ للعبد العلم به. والمعلومات غير متناهية.
فاذا علم العبد بعض المعلومات دون البعض : فإما أن يقولوا بأنه تقوم بذاته بدل علم لم يخلقه الله ـ تعالى ـ له ضدا ؛ فإنه تعرى ذاته عن تلك العلوم ، وأضدادها.
فإن كان الأول ؛ لزم أن تقوم بذاته أضداد لا نهاية لها ؛ ضرورة أن ما لم تعلمه غيره متناه.
وإن كان الثانى : فقد جوزتم عرو المحل عن العرض المقابل له وعرو ضده ، / وأبطلتم أصلكم ؛ وهو المطلوب.
الثالث : أن الماء ، والهواء ؛ لا لون لها ، وكذلك الحجارة ، والخشب ، وقشر الجوز ، واللوز ؛ لا طعم لها.
والجواب : أما السؤال الأول : فمندفع. ثم جهة أن معنى الافتراق ليس هو سلب الاجتماع ، وإنما هو اختصاص كل واحد من الجوهرين بحيز ملاصق لحيز الآخر ؛ وهو معنى وجودى لا سلبى.
وفرق بين سلب الاجتماع ، وبين الاختصاص الموصوف بعدم الاجتماع.
وأما الإلزام : فهو أيضا مندفع ؛ إذ الاجتماع والافتراق [بالتفسير المذكور] (١) إنما يعقل فى ذوى الأحياز والرب ـ تعالى ـ غير متحيز (٢) ؛ فلا يقال إنه مفارق للعالم ، ولا مجامع له ؛ حيث أنه لا يختص بحيّز ، لا فى قرب ، ولا فى بعد. وما ذكرتم فى الوجه الأول فى المعارضة ؛ فهو لازم عليهم فى امتناع وجود العرض دون الجوهر (٣).
وامتناع وجود العلم ، دون الحياة ، ولزوم علم من حلت به الآفات عند امتناع الافات المانعة من العلم ؛ فما هو العذر فى صور الإلزام لهم ؛ هو عذرنا فى محل النزاع.
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) راجع ما سبق فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الجزء الأول ـ القسم الأول ـ النوع الرابع : فى إبطال التشبيه وما لا يجوز على الله تعالى ل ١٤٢ / أوما بعدها.
(٣) راجع ما سيأتى فى الأصل الثانى ـ الفرع الثانى : فى استحالة قيام العرض بنفسه ل ٤١ / ب.