الدهرية (١) فى قولهم : بجواز خلوّ الجواهر عن الأعراض فى الأزل ، وعلى الصالحى (٢) فى لا يزال ، وعلى البغداديين (٣) فى قولهم بجواز خلو الجواهر عن الأكوان دون غيرها.
فإن قيل : إذا كان معنى الافتراق بين الجوهرين ، أن حيز أحدهما غير ملاصق لحيّز الآخر ؛ فهو سلب للتلاصق ، وعدم صرف ؛ والعدم لا يكون عرضا. وعلى هذا فبتقدير الافتراق أن يكون الجوهر خاليا (١١) / / عن الكون.
ثم وإن سلمنا أن مفهوم الافتراق أمر عرضى ؛ ولكن ما ذكرتموه يلزم منه أن يكون الرّب ـ تعالى ـ لا يخلو عن الحوادث ، أحد الكونين ، وأن يكون محلا للأعراض ؛ وهو محال (٤).
وذلك لأن الرب ـ تعالى ـ والعالم : إما أن يكونا مجتمعين ، أو مفترقين إلى آخر القسمة ، والثالث ، والرابع محالان ؛ لما ذكرتموه.
فلم يبق إلا الأول ، والثانى. وما لزم عنه المحال ؛ فهو باطل.
وإن سلمنا دلالة ما ذكرتموه على امتناع خلو الجواهر عن الأعراض ؛ لكنه معارض بما يدل على نقيضه وبيانه من ثلاثة أوجه :
الأول : هو أن الجوهر ، والعرض موجودان حادثان بفعل فاعل مختار ؛ وهو الله ـ تعالى ـ ؛ فلو لزم من وجود الجوهر وجود العرض وامتنع خلوه عنه ؛ لكان الرب ـ تعالى ـ مضطرا إلى إحداثه عند إحداث الجوهر ؛ وخرج عن كونه فاعلا بالاختيار ؛ وهو ممتنع (٥).
__________________
(١) راجع ما مر ل ٧ / ب.
(٢) راجع ما مر ل ٧ / ب.
(٣) راجع ما مر ل ٧ / ب.
(١١)/ / أول ٧ / ب من النسخة ب.
(٤) راجع ما مر فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع الرابع ـ المسألة الثالثة : فى أنه تعالى ليس بعرض ل ١٤٥ / ب.
والمسألة الرابعة : فى بيان امتناع حلول الحوادث بذات الرب ـ تعالى ـ ل ١٤٦ / أ.
(٥) راجع ما مر فى الجزء الأول ل ٢٨١ / ب وما بعدها.