المقدمة :
لا نعرف خلافا بين العقلاء ، فى حصر الموجود الممكن فى الجواهر والأعراض ، وإن اختلفت مسالكهم فى جهة الحصر ، وأقسام كل واحد من القسمين : ولنذكر مسلك الفلاسفة فى ذلك [أولا] (١) وننبه على ما فيه ، ثم نعطف على مسلك أهل الحق [ثانيا] (٢).
أما الفلاسفة : فقد قالوا :
الموجود الممكن : إما أن يكون وجوده فى موضوع ، أو لا فى موضوع. وهذه قسمة دائرة بين النفى ، والإثبات.
فإن كان الأول : فهو الجوهر.
وإن كان الثانى : فهو العرض.
وإنما قالوا : فى موضوع ، ولم يقولوا : فى محل. احترازا عن الصور الجسمية ؛ فإنها عندهم جواهر ؛ وهى قائمة فى محل هو المادة الجسمية. وليست المادة عندهم موضوعا للصورة ؛ بل محلا لها. والمحل أعم من الموضوع. إذ الموضوع عندهم هو [المحل المتقوم ذاته المقوم لما حل فيه : كالجسم بالنسبة إلى الأعراض القائمة به ؛ وليس كل] (٣) محل شيء ؛ يكون مقوما لما حل فيه : كالمادة بالنسبة إلى الصورة الجسمية ؛ فإنها غير مقومة للصورة الجسمية ؛ بل الصورة الجسمية هى المقومة لمحلها.
وإذا عرف ذلك قالوا : فالجوهر : إما أن يكون بسيطا : أى لا تركيب فيه ، أو مركبا. فإن كان بسيطا : فإما أن يكون داخلا فى المركب ، وإما أن لا يكون داخلا فى المركب. فإن لم يكن داخلا فى المركب : فإما أن يكون متعلقا بالمركب ، أو لا تعلق له به.
فإن لم يكن متعلقا به ، فهو العقل ، وعبروا عنه بأنه الموجود الممكن المبرأ عن المادة ، وعلائقها.
وإن كان متعلقا بالمركب : فهو النفس الفلكية ، والإنسانية ؛ وسيأتى معناهما (٤). وأما إن كان داخلا فى المركب : فإما أن يكون محلا للجزء الآخر من ذلك (٥) المركب ، أو حالا فيه.
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) ساقط من أ.
(٣) ساقط من أ.
(٤) (وسيأتى معناهما) ساقط من ب.
(٥) (ذلك) ساقط من ب.