ب. انتهاء القوىٰ والاستعدادات إلى الكمال ، ووقوف الحركة الاستكمالية للإنسان.
وهذان الأمران غير متحققين في الدنيا وإنّما يتحققان في الآخرة ، كما أنّهما ينسجمان مع حشر البدن العنصري ، أمّا تجسّم الأعمال وتبلورها فهو ينسجم مع الحشر المثالي أو البرزخي ، وأمّا توقّف الحركة عن الاستكمال ، فلما عرفت من أنّ تعلّق النفس بالبدن في اليوم الآخر لأجل نيل الثواب والعقاب لا للتدبير ، وبذلك يختلف تعلّقها بالبدن في الآخرة عن تعلّقها به في الدنيا ، وبالتالي لا ينفك ذلك التعلّق عن الحركة الاستكمالية في النشأة الأُولى ولكن تنتهي الحركة الاستكمالية في النشأة الأُخرى ، وما ذلك إلاّ لتغاير التعلّقين.
إنّما سمّي يوم الآخرة بيوم القيامة ، لأنّ الروح فيه تنسلخ عن هذا البدن الطبيعي مستغنياً عنه في وجوده قائماً بذاته ، والبدن الأُخروي قائم بالروح في تلك النشأة والروح قائمة بالبدن الطبيعي هاهنا لضعف وجودها الدنيوي وقوة وجودها الأُخروي ، وعلىٰ ذلك فلا يمكن أن يكون البدن الأُخروي مثل البدن الدنيوي لما عرفت انّ الروح لأجل ضعف وجودها الدنيوي قائمة بالبدن الطبيعي بخلاف الروح بوجودها الأُخروي فانّها لقوة وجودها قائمة بنفسها ، والبدن قائم بالروح.
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره من أنّ النفس في يوم القيامة قائمة بذاتها لا بالبدن علىٰ خلاف ما في الدنيا ، أمر لم يقم عليه برهان ، وإنّما اتخذه المستدل أصلاً موضوعياً وبنىٰ عليه الدليل ، من خلال إطلاق لفظة « القيامة » والتي توحي إلى قيام النفس بذاتها ، مع أنّه لا دليل عليه بل إطلاق القيامة علىٰ ذلك اليوم لأجل