إذا ثبت انّ الجنة والنار مخلوقتان ، يقع البحث في مكانهما ، وقد يستفاد من الذكر الحكيم انّ مكانهما قريب من سدرة المنتهىٰ ، يقول سبحانه : ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ * عِندَ سِدْرَةِ المُنتَهَىٰ * عِندَهَا جَنَّةُ المَأْوَىٰ ). (١)
يقول التفتازاني : لم يرد نص صريح في تعيين مكان الجنة والنار ، والأكثرون على أنّ الجنة فوق السماوات السبع وتحت العرش ، تشبثاً بقوله تعالى : ( عِندَ سِدْرَةِ المُنتَهَىٰ * عِندَهَا جَنَّةُ المَأْوَىٰ ) وقوله : « سقف الجنة عرش الرحمن والنار تحت الأرضين السبع ».
والحقّ تفويض ذلك إلى علم العليم. (٢)
انّ ما نقله التفتازاني هو رواية عكرمة ، عن ابن عباس ، انّه قال : قدم يهوديان فسألا أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقالا : أين تكون الجنة ؟ وأين تكون النّار ؟ قال : أمّا الجنّة ففي السماء ، وأمّا النار ففي الأرض ، قالا : فما السبعة ؟ قال : سبعة أبواب النّار متطابقات ، قال : فما الثمانية ؟ قال : ثمانية أبواب الجنة. (٣)
ولكن عكرمة أباضي لا يعتمد عليه. (٤)
والمستفاد من ظواهر الآيات أنّ الجنّة والنار خارجتان عن نطاق السماوات والأرض ، والشاهد عليه انّه سبحانه يصف سعة الجنة بسعة السماوات والأرض ،
__________________
١. النجم : ١٣ ـ ١٥.
٢. شرح المقاصد : ٢ / ٢٢٠ ، ط آستانة.
٣. بحار الأنوار : ٨ / ١٢٨ ، باب الجنة ونعيمها من كتاب العدل والمعاد ، الحديث ٢٨.
٤. هو أبو عبد الله القرشي ، مولاهم المدني ، البربري الأصل ، كان لحصين بن أبي الحر العنبري فوهبه لابن عباس ، وذكر انّه كان يرى رأي الخوارج وكان يكذب على ابن عباس ، قال ابن حنبل : مضطرب الحديث يختلف عنه وما أدري وروي عن الشافعي ، قال : لا أرى لأحد أن يقبل حديثه ، توفي سنة أربع ومائة.