يؤدي إلىٰ سقوط الحضارة ، يقول سبحانه : ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ) (١) ، ويقول في آية أُخرى : ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا * وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ). (٢)
فقد عدّت الآية الأُولى والثانية الظلم والفسق وارتكاب الذنوب من أسباب انهيار الحضارات وزوالها ، ووجهه واضح ، لأنّ الفسق والزنا وأكل الأموال بالباطل والغش والسرقة ، طغيانٌ على الفطرة السليمة وخروجٌ عليها ، ومعه تنفصم عرى الحضارة الإنسانية. فضلاً عن بثِّ العداوة والبغضاء في القلوب.
نعم هناك ذنوب تترك آثاراً سلبية في المجتمع ، وإن لم نقف على الصلة بينها ، فقد ورد في الحديث : انّه إذا كثر الزنا ، كثر موت الفجأة. وهناك صلة بين الأمرين وإن لم تثبته العلوم الحديثة.
وأمّا تأثير الظلم وبعض الذنوب التي تخالف الفطرة كالزنا واللواط وجمع الأموال بالباطل فهو واضح حسب المعايير الاجتماعية كما ذكرناه.
إنّ بعض أنواع الموت يعد مشرّفاً في حدّ ذاته ، وهذا كالموت في سبيل طلب العلم وإقامة العدل وغير ذلك من الأهداف السامية ، ولذلك يعد سبحانه هؤلاء أحياءً لا أمواتاً ويقول : ( وَلا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لاَّ تَشْعُرُونَ ). (٣)
__________________
١. هود : ١١٧.
٢. الإسراء : ١٦ ـ ١٧.
٣. البقرة : ١٥٤.