فهذه الآيات تذكر الإنسان نماذج من إحياء الموتى ، كخلق الإنسان من تراب وإحياء الأرض بالنبات والأشجار حتى يمحو تلك الشبهة العالقة في ذهنه.
كان المنكرون يعتمدون في إنكارهم علىٰ شبهة ثالثة ، تنحل إلى أمرين :
الأمر الأوّل : انّ انتشار ذرات بدن الإنسان البالي يوجب اختلاط تلك الذرات ، فكيف يمكن تمييز بعضها عن بعض ؟
وبعبارة أُخرىٰ : إذا تعلّق المعاد بإحياء الناس كافة مع اختلاط ذرات بعضهم ببعض ، فكيف يمكن التمييز بين هذه الذرات المختلطة ؟ ولعلّ الآية التالية ناظرة إلى هذا الجانب من الشبهة ، قال سبحانه حاكياً عنهم : ( أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَٰلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ). (١)
والجواب ما تذكره الآية التالية : ( قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ).
فالآية الثانية تفسر بجوابها واقع الشبهة.
الأمر الثاني : كيف يمكن الإحاطة بالأعمال التي صدرت عن الإنسان خيرها وشرها ، وتمييز عمل كلّ أحد عن عمل الآخر حتى يجزى على وفق أعماله ؟ وكانت الشبهة نابعة عن عجزهم عن درك علمه وسعته والله سبحانه يجيب عن الشبهة ، ويقول : ( مَّا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ). (٢)
__________________
١. ق : ٣.
٢. لقمان : ٢٨.