ذاتية وانّها بحسب الغايات الزمانية طالبة لكمالاتها مشتاقة بغرائزها إلى غاياتها ، فهذه الحركة الرجوعية في الوجود من الأشد إلى الأنقص ، ومن الأقوىٰ إلى الأضعف بحسب الذات ، ممتنع جدّاً. (١)
التناسخ الصعودي عبارة عن تكامل النفس عبْر قنوات النباتية ثمّ الحيوانية ثمّ الإنسانية ، بنحو يكون بينها فصل حقيقي يتخلّله الزمان. ولكن التناسخ بهذه الصورة من الوهن بمكان ، فانّ النفس لا تخلو عن حالتين :
إمّا أن تكون صورة منطبعة في النبات أو الحيوان أو الإنسان ، أو تكون أمراً مجرداً.
فعلى الأوّل ، تكون للنفس هناك حالات ثلاث :
١. وجودها منطبعة في الموضوع المتقدّم.
٢. وجودها منطبعة في الموضوع المتأخر.
٣. حالة الانتقال من الأوّل إلى الثاني.
والحالتان الأُوليتان لا غبار عليهما ، إنّما الإشكال في الحالة الثالثة لقيام العرض بلا موضوع.
وأمّا إذا كانت النفس موجوداً مجرّداً غير قائم بالبدن وإنّما تحتاج إليه في مقام الفعل والعمل ، فعندئذٍ نقول : كيف يمكن أن تتعلّق النفس الحيوانية بالبدن الإنساني ، لأنّ كمال الأُولىٰ هو كونها ذات قوة شهوية وغضبية غير معدلة ولا محددة وهذا يعد لها كمالاً ، فلو تعلّقت النفس المذكورة بالبدن الإنساني فستكون عائقة عن تكامله ، لأنّ تكامل الإنسان يكمن في أن تكون قواه معدلة وشهوته
__________________
١. الأسفار : ٩ / ١٦.