وعلىٰ ضوء هذا فليوم القيامة خمسون موقفاً يقف عندها الإنسان للسؤال والحساب فمن ثقلت موازينه فهو يجتازها بسرعة ، وأمّا من خفت موازينه فيلبث فيها مدة طويلة تدوم إلى خمسين ألف سنة ، وقد مرَّ على أنّ المؤمن الفقير يحاسب بأسرع مما يحاسب به المؤمن الثري وهكذا ، وسيوافيك في فصل الصراط ما يدل على أنّ الصراط أحدّ من السيف وأدق من الشعرة إنّما هو بالنسبة إلى غير المؤمن ، وأمّا بالنسبة إلى المؤمن فهو عريض وغير حاد.
إلى هنا تبيّن طول يوم القيامة وقصرها إلى الكافر والمؤمن ، وإليك البحث في مواقفها.
دلّت الروايات الماضية علىٰ أنّ ليوم القيامة مواقف تقف فيها العصاة ويعبّر عنها بالقنطرة تارة ، والعقبة أُخرى ، والمواقف ثالثة.
يقول أمير المؤمنين عليهالسلام في وصيته لابنه الحسن عليهالسلام : « واعلم انّ أمامك عقبة كؤوداً ، المخف فيها أحسن حالاً من المثقل ، والمبطئ عليها أقبح حالاً من المسرع ، وانّ مهبطك بها لا محالة إمّا على جنة أو على نار ». (١)
نعم اختلف العلماء في حقيقة تلك المواقف والعقبات ففسّرها الصدوق بظواهر ما ورد في الروايات وانّ لكلّ عقبة اسماً من الفرائض يقول : اعتقادنا في العقبات التي على طريق المحشر انّ كلّ عقبة منها اسمها اسم فرض وأمر ونهي ، فمتى انتهى الإنسان إلىٰ عقبة اسمها فرض وكان قد قصر في ذلك الفرض حبس عندها وطولب بحقّ الله فيها ، فإن خرج منها بعمل صالح قدّمه أو برحمة تداركه نجا منها إلى عقبة أُخرى ، فلا يزال يدفع من عقبة إلى عقبة ، ويحبس عند كلّ عقبة
__________________
١. نهج البلاغة ، قسم الرسائل رقم ٣١.