خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ). (١)
فكأنّ منكر المعاد يكفر بربوبية الله تبارك وتعالى ولو أذعن بها لما أنكر المعاد ، إذ هو اليوم الذي يحشر فيه جميع العباد للسؤال بمقتضى الربوبية.
إنّ الإيمان بالمعاد كالتوحيد أصلان لا ينفكان ، وقد أُمر الأنبياء بتبليغهما وتعليمهما للناس ليؤمنوا بأنّ الربَّ واحد وانّ الله يبعث من في القبور.
وقد كان الإيمان بالمعاد شديد الوقع علىٰ أكثر الناس في العهود السابقة لا سيما في العهد النبوي فراحوا ينكرونه بشدة ، ودفعهم إلى ذلك أمران :
الأمر الأوّل : الدوافع النفسية التي تدفعهم إلى إنكار المعاد وعدم قبوله.
الأمر الثاني : الشبهات الطارئة على أذهانهم.
وقد ذكر القرآن شيئاً من الدوافع والشبهات ، فها نحن نستعرض الدوافع أوّلاً ، ثمّ نعقبه ببيان الشبهات :
إنّ الإيمان بيوم الحساب وانّ الإنسان سيجزى بعمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر ، يفرض بحسب طبيعته ، قيوداً وحدوداً لا ينبغي تجاوزها هذا من جانب ، ومن جانب آخر فالإنسان بطبعه ميّال إلى الدعة والراحة وإرضاء الغرائز الحيوانية بأي أُسلوب أمكن ، وهذان الأمران لا يجتمعان ولذلك وقفوا أمام دعوة الأنبياء بإنكار المعاد ، وقد أُشير إلى ذلك في القرآن الكريم ، قال سبحانه :
__________________
١. الرعد : ٥.