( أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ ). (١)
ففي هذه الآية يذكر القرآن الشبهة الطارئة علىٰ أذهانهم ويجيب عنها كما يأتي ، ولكنّه سبحانه يتعرض بعد هاتين الآيتين إلى الدافع الحقيقي من وراء إنكار المعاد ، وهو انّ الإنسان يريد أن يتحرّر عن كلّ قيد وحاجز ، والإيمان بالمعاد يكبّله بالقيود ، يقول سبحانه :
( بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ * يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ). (٢)
فالفجر في اللغة بمعنى الشق ، فكأنّ الإنسان العاصي يريد أن يشقَّ القيود والحدود ويرفع الموانع أمام غرائزه الجامحة ويكون إنساناً متحرراً عن كلّ التزام وشرط.
وهناك دافع آخر ، وهو انّ المنكرين كانوا أصحاب قدرة ونفوذ وكبر ونخوة ، والعقيدة بالمعاد تنازع سلطتهم وتحدّ من نفوذهم ، وهؤلاء هم الذين يعبّر عنهم القرآن الكريم بالملأ ، يقول سبحانه :
( وَقَالَ المَلأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ * أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا
__________________
١. القيامة : ٣ ـ ٤.
٢. القيامة : ٥ ـ ٦.