التناسخ عند القائلين به على أقسام نطرحها علىٰ طاولة البحث :
يطلق التناسخ ويراد منه خروج النفس من بدن إلىٰ بدن آخر على وجه الاستمرار وذلك ، لأنّ النفوس البشرية عند خروجها من البدن ليست مجرّدة كاملة ، فلا مانع من تعلّقها ببدن آخر ، وثالث ، ورابع ، وهكذا تستمر في تقمصها الأبدان.
يقول شارح حكمة الإشراق : ومن القدماء من يقول بعدم تجرّد جميع النفوس بعد المفارقة ، وهم المترفون ب « التناسخية » فانّهم يزعمون أنّ النفوس جرمية دائمة الانتقال في الحيوانات ، وهؤلاء أضعف الحكماء وأقلّهم تحصيلاً.
ثمّ أورد عليه بأنّ العناية الإلهية تقتضي إيصال كلّ ذي كمال إلى كماله ، وكمال النفس الناطقة العلمي ، صيرورتها عقلاً مستفاداً فيها جميع صور الموجودات ، والعملي تجرّدها عن العلائق البدنية ، فلو كانت دائمة الانتقال كانت ممنوعة عن كمالها أزلاً وأبداً ، وهو محال. (١)
وهذا النوع من التناسخ على طرف النقيض من القول بالمعاد ، إذ لا ينقطع تعلّقها بالبدن الدنيوي مادامت موجودة ، فلا مجال للمعاد عندئذٍ.
القائل بهذا النوع من التناسخ يدّعي أنّ النفوس علىٰ صنفين ، فصنف يبلغ
__________________
١. شرح حكمة الإشراق : شمس الدين محمد الشهرزوري : ٥١٩ ، بتحقيق حسين الضيائي التربتي.