يذكر القرآن الكريم أنّ الجوارح والجلود تشهد علىٰ ما اقترفه المذنبون ، يقول سبحانه : ( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (١) ، فالآية صريحة في شهادة اللسان علىٰ ما فعله ولعلّه في موقف خاص من مواقف القيامة بشهادة انّ القرآن يذكر انّه يختم على أفواههم فلا تتكلّم ألسنتهم وإنّما تتكلّم أيديهم وأرجلهم ، كما قال سبحانه : ( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ). (٢)
وأمّا شهادة الجلود فيدل عليه قوله سبحانه : ( وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ). (٣)
فالآية صريحة على شهادة الجلود بما اقترفه ، وربّما يقال من أنّ المراد من الجلود هو خصوص الفروج ، وإنّما كني بها صيانة لحسن التعبير ، ولكنّه غير ظاهر لوروده في القرآن الكريم ، قال سبحانه : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ). (٤)
بقي هنا سؤال وهو أنّ المذنبين يعترضون على خصوص شهادة الجلود ولا يعترضون علىٰ شهادة سائر الأعضاء والجوارح ، فما هو وجهه ؟
والجواب : انّ الجلود تشهد علىٰ ما يصدر عنها بالمباشرة ، بخلاف السمع
__________________
١. النور : ٢٤.
٢. يس : ٦٥.
٣. فصلت : ١٩ ـ ٢١.
٤. المؤمنون : ٥.