يقول : ( وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) (١) فالآية شاهدة على أنّها خارجة عنهما غير انّ سعتها كسعتهما ، ولا محيص عن القول بأنّ مكان الجنة والنار من الأُمور الغيبية التي نفوّض علم مكانهما إلى الله سبحانه.
نعم ذكر العلاّمة المجلسي في مكان الجنة والنار ، قوله : وأمّا مكانهما فقد عرفت أنّ الأخبار تدل على أنّ الجنة فوق السماوات السبع ، والنار في الأرض السابعة وعليه أكثر المسلمين. (٢)
إنّما يحسن السؤال عن مكان الجنة والنار إذا كانتا جزءاً من هذا العالم ، فيسأل عن كونهما فوقاً أو تحتاً ، وأمّا إذا كانتا عالمين مستقلين منفكين عن السماوات والأرض فلا مجال للسؤال عن مكانهما.
وبعبارة أُخرىٰ : إنّما يتصوّر المكان ، لشيء يكون جزءاً من هذا العالم ، وأمّا مجموع العالم بما هو مجموع فليس له مكان خاص ، لأنّه بتحقّقه يصنع لنفسه المكان لا أنّه كان هناك مكان خال فوجد العالم فيه وملأ فراغه ، ولذلك لما أعلن العالم الفيزيائي أنشتاين بأنّ العالم لم يزل في سعة سئل عن مكانه ، فأجاب بأنّه بسعته يوجد مكانه ولا يحتاج إلى مكان فارغ قبل السعة حتى يتحقّق فيه. (٣)
وهكذا نقول في الجنة والنار المخلوقتين ، فلو كانتا عالماً مستقلاً خارجاً عن هذا العالم فهما بوجودهما يوجدان مكانهما ، والسؤال عن مكانهما غير صحيح بالمرّة.
__________________
١. آل عمران : ١٣٣.
٢. بحار الأنوار : ٨ / ٢٠٥ ، باب الجنة ونعيمها من كتاب العدل والمعاد.
٣. وإليه تشير الآية الكريمة : ( وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ) ( الذاريات : ٤٧ ).