يطلق القبر ويراد منه تارة ذلك المكان الضيّق ، وأُخرى ما يعيش فيه الإنسان بالبدن البرزخي في عالم فسيح ، فقد يطلق القبر في الروايات ويراد منه هذا المعنى.
روى الزهري ، عن علي بن الحسين عليهماالسلام ، انّه عليهالسلام تلا قوله تعالى : ( وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) (١) وقال : « هو القبر ، وانّه لهم فيه لمعيشة ضنكا ، والله إنّ القبر لروضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار ». (٢)
روى الكليني ، عن عمرو بن يزيد ، قلت لأبي عبد الله : إنّي سمعتك ، وأنت تقول : كلّ شيعتنا في الجنة علىٰ ما كان فيهم ، قال : « صدّقتك ، كلّهم والله في الجنة » قال : قلت : جعلت فداك انّ الذنوب كثيرة كبائر ، فقال : « أمّا في القيامة فكلّكم في الجنة بشفاعة النبي المطاع ، أو وصيّ النبيّ ، ولكنّي والله أتخوّف عليكم في البرزخ » قلت : وما البرزخ ؟قال : « القبر منذ حين موته إلىٰ يوم القيامة ». (٣)
وعلى ذلك فكلّما أُطلق القبر فهو كناية عن تلك الحياة ، وذلك العالم الفسيح ، والآيات والروايات تشهد على أنّه أمر عام يشمل جميع أفراد الإنسان دون فرق بين من مات حتف أنفه أو افترسه السبع أو غرق في الماء ، ومن تحوّل بدنه إلىٰ تراب فأثارته الرياح ونشرته ، فأكثر هؤلاء لا قبر لهم بالمعنى الملموس ، وإن كان لهم قبر بالمعنى الكنائي.
إذا عرفت معنى القبر في الروايات ، فهنا مسائل ثلاث :
__________________
١. المؤمنون : ١٠٠.
٢. بحار الأنوار : ٦ / ١٥٩ ، باب سكرات الموت ، الحديث ١٩.
٣. بحار الأنوار : ٦ / ٢٦٧ ، باب أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله ، الحديث ١١٦.