للذات والآلام إن لم يكن من أهل المكاشفة والمشاهدة. (١)
ثمّ إنّه قدسسره ضرب مثالاً آخر لتقريب ما رام إليه ، وقال :
إنّ شدة الغضب في رجل توجب ثوران دمه ، واحمرار وجهه ، وحرارة جسده ، واحتراق موادّه ، على أنّ الغضب صفة نفسانية موجودة في عالم الروح الإنساني وملكوته والحركة والحمرة والحرارة والاحتراق من صفات الأجسام وقد صارت هذه الجهات والعوارض الجسمانية نتائج لتلك الصفة النفسانية في هذا العالم ، فلا عجب من أن يكون سورة هذه الصفة المذمومة مما يلزمها في النشأة الأُخرىٰ نار جهنم التي تطّلع على الأفئدة فاحترقت صاحبها كما يلزم هاهنا عند شدة ظهورها وقوة تأثيرها إذا لم يكن صارف عقلي أو زاجر عرفي يلزمها من ضربان العروق واضطراب الأعضاء وقبح المنظر ربما يؤدي إلى الضرب الشديد والقتل لغيره بل لنفسه ، وربما يموت غيظاً فإذا تأمل أحد في استتباع هذه الصفة المذمومة لتلك الآثار فيمكن أن يقيس عليها أكثر الصفات المؤذيات والاعتقادات المهلكات وكيفية انبعاث نتائجها ولوازمها يوم الآخرة من النيران وغيرها ، وكذا حال أضدادها من حسنات الأخلاق والاعتقادات وكيفية استنباط النتائج والثمرات من الجنات والرضوان والوجوه الحسان. (٢)
ما ذكرناه سابقاً كان تحليلاً لتجسّم الأعمال من زاوية العقل والفلسفة الإسلامية ، فحان البحث عنه من منظار آخر وهو منظار العلم.
إنّ تجسم الأعمال أُرسي علىٰ قواعد ثابتة وهي :
__________________
١. المبدأ والمعاد : ٣٤١ ـ ٣٤٢.
٢. المبدأ والمعاد : ٣٤٣.