ولا يبعد أن يكون المراد بالنفخ في الصور يومئذٍ مطلق النفخ أعمّ ممّا يميت أو يحيي ، فانّ النفخ كيفما كان من مختصات الساعة ويكون ما ذكر من فزع بعضهم وأمن بعضهم من الفزع وسير الجبال من خواص النفخة الأُولى ، وما ذكر من إتيانهم داخرين من خواص النفخة الثانية. (١)
ربما يطرح هنا سؤال وهو : ما هو مقدار الفاصل الزماني بين النفختين الذي يحكي عنه تخلّل لفظة « ثمّ » بين النفختين ، يقول سبحانه : ( ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ ) ؟. (٢)
والجواب : انّه غير معلوم لنا مقدار الفاصل الزماني بينهما ، ولعلّه من الأُمور التي استأثر الله بعلمها لنفسه ، يقول سبحانه : ( وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ). (٣)
والعلم بالفاصل الزمني يستلزم العلم بزمن وقوع القيامة ، فمثلاً الذي يعلم جميع أشراط الساعة إذا وقف على الفاصل الزمني بين النفختين لعلم بالضرورة زمن وقوع يوم القيامة مع أنّه سبحانه يقول : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ). (٤)
عن ثوير بن أبي فاختة ، عن علي بن الحسين قال : سئل عن النفختين كم بينهما ؟ قال : « ما شاء الله ». (٥)
__________________
١. الميزان : ١٥ / ٤٠٠ ، ط بيروت.
٢. الزمر : ٦٨.
٣. لقمان : ٣٤.
٤. الأعراف : ١٨٧.
٥. بحار الأنوار : ٦ / ٣٢٤.