وهناك احتجاج للإمام أمير المؤمنين عليهالسلام علىٰ من أنكر عذاب القبر في هذه الدنيا.
أخرج العاصمي في كتابه « زين الفتىٰ في شرح سورة ( هَلْ أَتَىٰ ) » من طريق شيخه أبي بكر محمد بن إسحاق بن مهشاد يرفعه ، أنّ رجلاً أتىٰ عثمان بن عفان وهو أمير المؤمنين وبيده جمجمة إنسان ميت ، فقال : إنّكم تزعمون النار يعرض على هذا وانّه يعذب في القبر وأنا قد وضعت عليها يدي فلا أحسَّ منها حرارة النار ؟ فسكت عنه عثمان وأرسل إلى علي بن أبي طالب المرتضىٰ يستحضره ، فلمّا أتاه وهو في ملأ من أصحابه ، قال للرجل : أعد المسألة. فأعادها ، ثمّ قال عثمان بن عفان : أجب الرجل عنها يا أبا الحسن ، فقال علي عليهالسلام : ائتوني بزند وحجر ، والرجل السائل والناس ينظرون إليه فأتي بهما فأخذهما وقدَّح منهما النار ، ثمّ قال للرجل : ضع يدك على الحجر. فوضعها عليه ، ثمّ قال : ضع يدك على الزند ، فوضعها عليه ، فقال : هل أحسست منهما حرارة النار ؟ فبهت الرجل ، فقال عثمان : لولا علي لهلك عثمان. (١)
ثمّ إنّ مسألة تجسم الأعمال بمعانيها المختلفة بحث قرآني سنمر عليه في الفصول اللاحقة.
إنّ الذكر الحكيم يصف المعاد بالنشأة الأُخرى أو دار العقبى وما شابههما ، يقول سبحانه : ( ثُمَّ اللهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ ) (٢) وقال سبحانه : ( وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَىٰ ) (٣) ويقول سبحانه : ( وَيَدْرَءُونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى
__________________
١. الغدير : ٨ / ٢١٤. |
٢. العنكبوت : ٢٠. |
٣. النجم : ٤٧.