شيئاً فشيئاً ، فإذا اشتدّت قواه ، يبدأ باستغلالها بغية نيل الأموال والمناصب وغيرها ، وكلّما تقدم في العمر يزداد حرصاً وطمعاً فإذا اجتاز تلك المرحلة ودخل مرحلة الهرم فيشرع بحفظ ما جمعه وبلغت إليه يده من الأموال والثروات إلى أن يبلغ أجله.
فالمرحلة الأُولىٰ : مرحلة التكوين ، والثانية : مرحلة الهجوم ، والثالثة : مرحلة التدافع ; والرابعة : مرحلة الانقراض ، وهكذا المجتمع في مراحله الأربع.
فالحضارات الإنسانية ، مرَّت بتلك المراحل إلىٰ أن اضمحلّت واندثرت.
يقول سبحانه : ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ) (١) فيعد للأُمة حياةً وأجلاً.
إنّ بزوغ نجم الحضارات وأُفولها من السنن القطعية الإلهية فلا تدوم حضارة عبر القرون والدهور بل تتبعها حضارة أُخرى وهكذا.
نعم هذا البزوغ والأُفول رهن عوامل داخلية وخارجية وليس أمراً اعتباطياً ، يقول سبحانه : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ). (٢)
إنّ اضمحلال الحضارة واندثارها ناجم عن عوامل كثيرة أهمها تفشي الظلم في المجتمعات وغياب العدالة الاجتماعية في حياتها ، وهذا بمرور الزمان يستفحل شيئاً فشيئاً حتى يصل مرحلة لا يطيقها المجتمع فيؤول إلىٰ عصيان عام
__________________
١. الأعراف : ٣٤.
٢. الأعراف : ٩٦.