وفي الأحاديث ما يدعم ذلك.
قال الإمام علي عليهالسلام : « فلو انّ أحداً يجد إلى البقاء سُلّماً أو لدفع الموت سبيلاً ، لكان ذلك سليمان بن داود عليهماالسلام الذي سُخّر له ملك الجن والإنس ». (١)
ويقول أيضاً في موضع آخر :« إنّ لله ملكاً ينادي في كلّ يوم : لِدُوا للموت ». (٢)
للإنسان حسب فطرته ، رغبة في الاستمرار في الحياة ، وهذا ممّا لا ينبغي الشكّ فيه ، لأنّ الرغبة إلى الحياة أمر جبلي ، ولعلها دليل علىٰ أنّ بعد الموت حياة أُخرى فيها تتحقق أُمنيّة الإنسان ولولاها لكانت تلك الرغبة في خلقته أمراً عبثاً سدىً.
والفلاسفة يستدلّون بوجود الرغبة في الحياة على وجود المرغوب إليه في الخارج.
بيد أنّ الناس أمام الموت على صنفين :
فصنف يتصوّر أنّ الموت نهاية الحياة ، ولذلك كلّ ما يسمع لفظة الموت يأخذه الحزن والأسىٰ ويتجسّد الموت أمامهم كأنّه غول ذو مخالب فتّاكة يريد أن يبطش بهم.
وآخر ممّن لا يستوحش من الموت ولا من سماعه ، لأنّه هو الذي وقف علىٰ حقيقة الحياة الدنيا ، وأنّ الموت ليس إلاّ قنطرة إلى الحياة الأُخرىٰ ، ولذلك يستقبل الموت برحابة صدر ووجه مستبشر.
__________________
١. نهج البلاغة : الخطبة ١٨٢.
٢. نهج البلاغة : من كلماته القصار ، برقم ١٣٢.