ثمّ إنّ الأسباب الكامنة من وراء الخوف من الموت أمران :
الأوّل : كون الموت خاتمة المطاف.
الثاني : الإيمان بالحشر والجزاء ، وانّ الناس مجزيّون بأعمالهم إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر.
إنّ القرآن الكريم يصف حالة اليهود ويؤكد على أنّ خوفهم من الموت نجم من جرّاء الأمر الثاني ، ويقول : ( قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِندَ اللهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا المَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ) (١) ، ويقول في سورة أُخرى : ( قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ للهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا المَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ). (٢)
وقد أشير في بعض الروايات إلىٰ سبب الخوف من الموت.
روى السكوني عن الإمام الصادق عليهالسلام ، عن أبيه عليهالسلام انّه قال : أتى النبي رجل فقال : مالي لا أحب الموت ؟ فقال له صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ألك مال ؟ » قال : نعم. قال : « فقدمته ؟ » ، قال : لا. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « فمن ثمّ لا تحب الموت ». (٣)
وقد أشار الإمام في خطبه وكلمه إلى الأسباب الداعية إلى كراهة الموت ، يقول عليهالسلام : « واعلموا أنّه ليس شيء إلاّ ويكاد صاحبه يشبع منه ويملّه إلاّ الحياة فانّه لا يجد في الموت راحة ». (٤)
وقال عليهالسلام : « ولا تكن ممّن يكره الموت لكثرة ذنوبه ». (٥)
__________________
١. البقرة : ٩٤ ـ ٩٥. |
٢. الجمعة : ٦ ـ ٧. |
٣. البحار : ٦ / ١٢٧. |
٤. نهج البلاغة : الخطبة ١٢٩ ، ط عبده. |
٥. نهج البلاغة : قسم الحكم برقم ١٥٠.