العصيان المحدود والعذاب الدائم
إنّ من المقرر في محله هو لزوم مساواة العذاب مع العصيان ، وضرورة إقامة الموازنة بينهما وعندئذٍ يُطرح هذا السؤال وهو :
كيف يحكم علىٰ هؤلاء بالخلود في النار مع أنّ العصيان كان محدوداً بمقطع زماني خاص ، ولكن الجزاء غير متناه ، وهذا مخالف للعدل الذي يحكم به العقل ؟
هذا هو الإشكال الذي أثير بعد رحيل الرسول في أوساط المسلمين ، ويجاب عن هذا السؤال بالنحو التالي :
لو كان الجزاء أمراً جعليّاً من قبل المقننين ، كالحكم الصادر على السارق والغاصب والزاني لصحت الموازنة ، لأنّ العقل يحكم بلزوم كون الجزاء علىٰ قدر الجرم ، ولذلك يكون جزاء السارق أشدّ من جزاء السابّ بلسانه وإن كان كلٌّ منهما جرماً في نفسه.
وأمّا إذا كان الجزاء أمراً تكوينياً لازماً لوجود الجرم دون أن يكون هناك جعل قانوني فحينها تمتنع إقامة الموازنة بين الجرم والجزاء ، ولذلك ربما يكون الجرم أمراً آنياً ويورث أثراً دائمياً.
ويتضح ذلك من خلال المثال التالي :