يقبلان الشدة والضعف ، فالنفس والنفسانيات أو الروح والروحيات أُمور فوق المادة لا تخضع لآثارها.
إنّ الذكر الحكيم يؤكّد على خلود الروح وبقائها ، والآيات في هذا المضمار على قسمين : قسم يدل بصراحة على التجرّد ، وقسم آخر ظاهر فيه ، وإليك نقل شيء من القسمين :
القسم الأوّل : ما هو صريح في خلود الروح ، يقول سبحانه :
١. ( اللهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا المَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ). (١)
ودلالة الآية مبنية على إمعان النظر في لفظة « التوفّي » وهي بمعنى الأخذ والقبض لا الإماتة ، وعلى ذلك فالآية تدل على أنّ للإنسان وراء البدن شيئاً يأخذه سبحانه حتى عند الموت والنوم.
فيمسكه إن كتب عليه الموت ويرسله إن لم يكتب عليه ذلك إلى أجل مسمّى ، فلو كان الإنسان متمحضاً في المادة وآثارها فلا معنى « للأخذ » و « الإمساك » و « الإرسال ».
٢. ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ المُؤْمِنِينَ ). (٢)
__________________
١. الزمر : ٤٢. |
٢. آل عمران : ١٦٩ ـ ١٧١. |