أخبر سبحانه بأنّ الأرض تحدّث أخبارها عند قيام القيامة ، يقول سبحانه : ( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا ) (١) وليس في الآية ما يدل على تعيين ما يخبر عنه غير أنّ مناسبة المقام تقتضي علىٰ أنّ المراد التحدّث بالأعمال التي اقترفها الإنسان سواء أكانت خيراً أم شراً ، ولأجل ذلك أردفه بجزاء الإنسان بأعماله ، قال سبحانه : ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ). (٢)
وقد روي في السنّة انّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : « أتدرون ما أخبارها ؟ » قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : « أخبارها أن تشهد على كلّ عبد بما عمل علىٰ ظهرها تقول عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا ، وهذه أخبارها ». (٣)
وأمّا البحث في أنّ الأرض كيف تتحمل تلك الشهادة وتؤدّيها يوم القيامة فهو خارج عن موضوع بحثنا ، وقد قلنا في محله : إنّ كلّ موجود ـ وإن بلغ من الضعف بمكان ـ له نصيب من العلم والإدراك ، وانّ الوجود في جميع المراتب يساوق العلم والقدرة ، غاية الأمر علماً وقدرة يناسبان مقام الوجود المفروض له ، قال سبحانه : ( وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ). (٤)
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أما إنّ الله عزّ وجلّ كما أمركم أن تحتاطوا لأنفسكم
__________________
١. الزلزلة : ٤ ـ ٥.
٢. الزلزلة : ٦ ـ ٨.
٣. مجمع البيان : ٩ ـ ١٠ / ٧٩٨ ، تفسير سورة الزلزلة.
٤. الإسراء : ٤٤.