شاباً ثمّ كهلاً وشيخاً هرماً ، وهذا يدل على أنّ المنسوب إليه أمر ثابت في منأىٰ عن طروء التحول والتغير عليه ، وما هذا شأنه فهو مجرّد لا مادي.
وبتعبير آخر : انّ الجانب المادي للإنسان عبارة عن البدن الذي يتألف من خلايا كثيرة التي لم تزل في تحول وتغير مستمر ، وهذه الخلايا تقطع أشواطاً طويلة حتى تصل إلى الهرم ثمّ تموت وتحل محلها خلايا أُخرىٰ جديدة ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر يلمس كلّ إنسان انّ ثمة أمر ثابت لا يتغير بتغير الزمان ويكون محوراً لتلك التغييرات ، وهو عبارة عن بقاء ذاته وشخصيته وانيّته عبر الزمان.
فثبت من ذلك أمران :
أ. الجانب المادي في مهبِّ التغيّرات والتحوّلات.
ب. الجانب الروحي والنفسي ثابت غير خاضع للتغيّر.
فنستنتج من هاتين المقدمتين : انّ النفس الإنسانية التي تدور عليها شخصيته وذاته أمر غير مادي بشهادة انّها غير خاضعة لآثار المادة.
إنّ الإنسان قد يغفل في ظروف خاصة عن كلّ شيء حتى عن بدنه وأعضائه وما حوله من الأشياء ولكن لا يغفل أبداً عن نفسه سليماً كان أم سقيماً ، وهذا يدل على أنّ المغفول عنه غير اللا مغفول عنه.
توضيحه : تخيّل نفسك في حديقة غنّاء زاهرة وأنت مستلق لا تُبصر أطرافك ، ولا تنتبه إلىٰ شيء ، ولا تتلامس أعضاؤك ، لئلاّ تحس بها ، بل تكون منفرجة ومرتخية في هواء طلق ، لا تحس فيه بكيفية غريبة من حرّ أو برد أو ما