الطائفة السادسة : الآيات التي تبيّن شبهة المنكرين للمعاد من امتناع إحياء العظام البالية ، وهي تدل على أنّ المدّعى كان هو إحياء البدن الدنيوي حسب ما كان.
قال سبحانه : ( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ). (١)
وقال سبحانه : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ). (٢)
إنّ هذه الطوائف من الآيات تعرب عن موقف القرآن حيال المعاد الجسماني بالملاك الأوّل وانّ المعاد هو البدن الدنيوي حقيقة.
قد تعرفت على المعاد الجسماني بالملاك الأوّل ، وإليك الكلام في المعاد الروحاني بنفس ذلك الملاك وهو حشر الإنسان مع روحه ونفسه ، وثمة كلام وهو انّه إن أُريد من المعاد الروحاني هو حشر البدن الدنيوي مع روحه ونفسه فليس ذلك معاداً روحانياً في الاصطلاح بل هو معاد جسماني ، لأنّ من يصف المعاد بالجسماني لا يريد منه البدن المماثل للجماد بل البدن الذي نفخ فيه روحه وصار ذا حس وحركة وعقل وإدراك.
وإن أُريد منه حشر النفوس والأرواح مجردة عن البدن فيصحّ وصفه بالروحاني لكنّه يخالف صريح القرآن لما عرفت من تأكيده علىٰ حشر الأبدان الدنيوية بنحو يكون مناسباً للحشر الأُخروي.
__________________
١. يس : ٧٨.
٢. سبأ : ٧.