ثمّ إنّ عدم سؤال المؤمنين نوع تكريم لهم ، ولكن عدم سؤال المشركين نوع إهانة لهم ، ولا غروة في أن يكون عملٌ واحدٌ تكريماً لقوم واهانة لقومٍ آخرين.
وعلى أيّة حال فالسؤال ونفيه يرجعان إلى السؤال التدويني لا التكويني فانّها عامة قطعاً.
إنّ الذكر الحكيم يصف الله سبحانه بأنّه سريع الحساب ، يقول : ( الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الحِسَابِ ) (١) وقد ورد ذلك الوصف في غير واحد من السور. (٢)
وفي الدعاء المعروف بالجوشن الكبير : « يا من هو سريع الحساب ».
وحينها يطرح هذا السؤال وهو ما معنىٰ وصفه سبحانه بأنّه سريع الحساب ؟
قد ذكر المفسرون في تفسير ذلك الوصف وجوهاً :
الوجه الأوّل : انّه سبحانه سيجزي المؤمنين والكافرين.
والوصف كناية عن اقتراب الساعة ، قال سبحانه : ( وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ). (٣)
وربما يطلق الحساب ويراد منه الجزاء.
الوجه الثاني : انّ سريع الحساب كناية عن أنّ العباد سيحاسبون في أسرع
__________________
١. غافر : ١٧.
٢. لاحظ البقرة : ٢٠٢; آل عمران : ١٩ ، ١٩٩; المائدة : ٤; الأنعام : ٦٢; الرعد : ٤١; إبراهيم : ٥١ ; النور : ٣٩.
٣. النحل : ٧٧.