ومن الواضح انّ هذا التقسيم من خصائص يوم القيامة.
( فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ ). (١)
ومعنى قوله : ( زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ ) أي صيحة واحدة ، ( فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ ) أي فإذا هم ملقون علىٰ وجه الأرض ، وسميت الأرض بالساهرة لأنّها لا تنام بشهادة أنّها تنبت النبت ليلاً ونهاراً عملاً دؤوباً دون انقطاع. وبما انّها تحكي عن ظهور الناس على الأرض فهي بالنفخ الثاني الذي يحيا فيه الناس أوفق.
( فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَٰلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ). (٢)
والمراد من النقر : هو النفخة الثانية ، بشهادة ما جاء بعده من إحياء الكافرين وانّه يوم عسير عليهم ، وهذا بخلاف النفخة الأُولى فانّ أهوالها تعمّ المؤمن والكافر، ولذلك قال سبحانه : ( فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ ). (٣)
يقول سبحانه : ( يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ) (٤) و « الراجفة » : صيحة عظيمة فيها تردد واضطراب كالرعد إذا تمخض ، وهي تنطبق على النفخة الأُولى ، و « الرادفة » : كلّ شيء تبع شيئاً آخر فقد ردفه ، ولعلّ المراد النفخة الثانية التي تعقب النفخة الأُولى ، وهي التي يبعث معها الخلق ، والشاهد على أنّ الرادفة
__________________
١. النازعات : ١٣ ـ ١٤.
٢. المدثر : ٨ ـ ١٠.
٣. الزمر : ٦٨.
٤. النازعات : ٦ ـ ٧.