وثمة نكتة جديرة بالإشارة وهي أنّ شهادة النبي والأنبياء عليهم وعلى أُممهم رهن علم وسيع بأحوال الأُمّة ، فانّ أداء الشهادة فرع تحمّلها ، وتحمُّلها فرع حضور الشاهد الواقعة حضوراً يرى الواقع على نحو يصح له أن يشهد. ومن الواضح بمكان أنّ العلوم التي ينالها الإنسان لا تغني عن هذا النوع من الشهادة وذلك لبعد الشاهد زماناً ومكاناً عن المشهود له أو المشهود عليه ، وهذا يدل على أنّ لهم إحاطة علمية بما يجري على أُممهم من الأعمال والأفعال.
ولا غرو في ذلك فانّه تبارك وتعالى إذا أراد أن يتخذ منهم شهوداً يمدّهم بالعلم الكافي في عالم الشهادة حتى يقفوا علىٰ ما يجري في أذهانهم ونفوسهم من الأفكار والآراء الصحيحة والباطلة ، وهذا إن دل على شيء فإنّما يدل على سعة علمهم.
يظهر من غير واحد من الروايات أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الخاتم شاهد على أعمال أُمّته ، وقد ورد في ذلك غير واحد من الآيات ، يقول سبحانه : ( مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ). (١)
وفي آية أُخرى : ( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ). (٢)
وقد وصفت بعض الآيات نبي الإسلام بأنّه شاهد ، قال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ). (٣)
__________________
١. الحج : ٧٨. |
٢. البقرة : ١٤٣. |
٣. الأحزاب : ٤٥ والفتح : ٨.