ويقول أيضاً : ( وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ) (١) بخلاف المقام.
على أنّ ما ذكره لو صحّ في نفس الرجل الصالح لا يصح في حماره حيث إنّ الآية صريحة بأنّه سبحانه أماته ثمّ أحياه ونشز عظامه وكساها لحماً ، قال سبحانه : ( وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ).
ذكر المفسّرون انّ قوماً من بني إسرائيل فرّوا من الطاعون أو الجهاد لما رأوا انّ الموت كثر فيهم ، فأماتهم الله جميعاً وأمات دوابهم ، ثمّ أحياهم لمصالح مذكورة في الآية ، قال سبحانه : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ المَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ ). (٢)
والرؤية في قوله : ( أَلَمْ تَرَ ) بمعنى العلم ، والمعنى : « ألم تعلم » والآية كما تثبت وقوع إحياء الموتى بعد إمكانه ، تثبت إمكان الرجعة إلى الدنيا على ما تتبنّاه الشيعة الإمامية كما هو الحال في إحياء عزير.
وممّا يثير العجب ما ذكره صاحب المنار ، حيث قال : الآية مسوقة سوق المَثَل ، والمراد بهم قوم هجم عليهم أُولو القوة والقدرة من أعدائهم لاستذلالهم واستخدامهم وبسط السلطة عليهم ، فلم يدافعوا عن استقلالهم ، وخرجوا من ديارهم وهم أُلوف ، لهم كثرة وعزّة ، حذر الموت ، فقال لهم الله : موتوا موت الخزي والجهل ، والخزي موت ، والعلم وإباء الضيم حياة ، فهؤلاء ماتوا بالخزي ، وتمكّن الأعداء منهم ، وبقوا أمواتاً ثمّ أحياهم بإلقاء روح النهضة والدفاع عن الحقّ فيهم
__________________
١. الكهف : ١٨.
٢. البقرة : ٢٤٣.