من علل بقاء حياته ونشاطه ، ولذلك ستر سبحانه علم هذا الموضوع عن الناس إلاّ في موارد خاصة لملاكات كذلك.
على أنّ لهذا الجهل أثراً تربوياً ، فانّ الرجوع إلى الله سبحانه والتوبة من المعاصي مع الرجاء بالبقاء أفضل من التوبة والرجوع إليه عند اقتراب أجله وقبل إطفاء مصباح حياته.
نعم ربما يكون الجهل بالموت سبباً للغرور والاغترار حيث إنّ المغتر يزعم انّه سيعيش عمراً طويلاً ، ولكنّه يرى موته أمراً بعيداً ، فيقترف المعاصي في شبابه علىٰ أمل أن يتوب منها في هرمه ، ولكنه في الوقت نفسه عامل تربوي للحد من الغرور لأنّه يحتمل أن يكون قد اقترب أجله ويكون هو على مقربة من الموت.
ولهذه الوجوه ستر سبحانه علمه عن الناس وقال : ( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ). (١)
ويدل على ذلك ما دلّ من الآيات على أنّ الأجل المسمّى عنده ، وهو يلازم جهل الإنسان بموته لانحصار علمه بالله سبحانه.
إنّ من مراتب التوحيد حصر التدبير في الله سبحانه ، وانّه لا مدبّر إلاّ هو ولو كانت الشمس مشرقة والقمر منيراً وغيرهما من العوامل الطبيعية ذات الآثار الخاصة فإنّما هو بأمره سبحانه ، كما يقول : ( أَلا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ). (٢)
__________________
١. لقمان : ٣٤.
٢. الأعراف : ٥٤.