الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) ، فهذه الفضيلة الكبيرة إنّما هي للمصطفين من عباده سبحانه لا لجميعهم. فعلى المفسّر الخبير ، أن يتعرف على هؤلاء الذين اصطفاهم الله من عباده ، ويُنيخ مطيّته على عتبة أبوابهم.
دلّت غير واحدة من الآيات علىٰ أنّ الملائكة من شهداء الأعمال ، وهم الذين يستنسخون ما يقوم به الإنسان من أعمال ثمّ يشهدون عليه يوم القيامة ، وربّما يسوقون المشهود عليه إلى المحشر ، يقول سبحانه : ( وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ * وَقَالَ قَرِينُهُ هَٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ). (١)
يقول الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام : « وانتفعوا بالذكر والمواعظ ، فكأن قد علقتكم مخالب المنية ، وانقطعت منكم علائق الأُمنية ، ودهمتكم مفظعات الأُمور ، والسِّياقة إلى الورد المورود ف : ( كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) سائق يسوقها إلى محشرها ، وشاهد يشهد عليها بعملها ». (٢)
وقد ذكرنا أنّ الملائكة الشهود هم الذين يكتبون أعمال الإنسان ويسجّلونها ، ويدل عليه قوله سبحانه : ( مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) (٣) ، وقال عزّ من قائل : ( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ) (٤) وطبيعة الحال تقتضي أن يكون كتّاب الأعمال هم الشهود عنده في المحشر ولعلهم هم الساقة أيضاً إلى النار أو الجنة.
__________________
١. ق : ٢١ ـ ٢٣.
٢. نهج البلاغة : الخطبة ٨٥.
٣. ق : ١٨.
٤. الانفطار : ١٠ ـ ١٢.