البدل كما في الروح الطبي حتى يبقىٰ تهيئه لتصرف النفس فيكون هو في ذاته نوعاً نباتاً بل حيواناً لكونه موضوع الإدراك التخيلي فإذاً أليس هذا عين التناسخ ؟! وأليس صار هذا الجرم الدخاني حيواناً غير إنسان تعلّقت به نفس الإنسانية فصار هذا الإنسان منسلخاً عن إنسانيته إلى حيوان آخر ؟! (١)
وأظن ـ وظن الألمعي صواب ـ انّ الذي دعا المعلم الثاني والشيخ الرئيس إلى القول بتعلّق الروح بالبدن المتولّد من الهواء والدخان ، أمران :
الأوّل : تصوّر انّ تعلّق النفس بالبدن الدنيوي العنصري تناسخ وهو باطل.
الثاني : انّ الصور الحسية التي بها تلتذ النفس أو تتألم أُمور حسية ، والنفس في إدراك هذا النوع من الأُمور رهن أدوات مادية أعني البدن ، فلا مناص من تصوير بدن يكون أداة لتصور النفس تلك الصور الحسية الملذة أو المؤلمة ، وحيث إنّ تعلّق النفس بالبدن الدنيوي تناسخ ممّا حدا إلى القول بخلق هذا البدن من الدخان والهواء.
ذهب صدر المتألّهين إلى المعاد الجسماني ، وانّ البدن المحشور في الآخرة هو البدن الدنيوي ، ويصرُّ علىٰ هذا القول في أوائل البحث علىٰ نحو يذعن الإنسان بأنّه بصدد إثبات ما عليه المتشرعة من المعاد الدنيوي العنصري ، هذا بالنظر البدوي ، وأمّا حينما ينتقل إلى أواخر البحث فيذهب إلى تعلّق النفس ببدن مثالي برزخي ، مطابق لما عليه الإشراقيون من الفلاسفة ، بيد انّهم عجزوا عن إثبات عينية البدن المثالي للبدن الدنيوي ، ولكن صدر المتألّهين قام بهذا العمل الجبار ورفض التعددية بين البدنين وأرجع الاختلاف بينهما إلى الاختلاف في الكمال والنقص.
__________________
١. الأسفار : ٩ / ١٤٩ ـ ١٥٠.