الحصيف ، ولا غرو في أنّ الميزان بهذا المعنى منزلٌ كإنزال الحديد ، قال سبحانه : ( وَأَنزَلْنَا الحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ). (١)
هذه هي تطبيقات لمفهوم الميزان في القرآن.
الألفاظ الواردة في القرآن الكريم التي تصف مشاهد القيامة لها حقائق غيبية غير معلومة لنا ، ومن هذه الألفاظ لفظ « الميزان » الذي نحتمل أن يكون له واقعية غير ما نشاهد من الموازين العرفية ، ويتضح ذلك من خلال البيان التالي :
كان الميزان يطلق قبل فترة طويلة على ما يوزن به المتاع بشيء له كفتان ولسان وساقان ، وظلّ البشر يستعمل الميزان في ذلك المصداق ولكن الثورة الصناعية التي اجتاحت الغرب كشفت عن موازين لم تكن موجودة من ذي قبل ، فأخذ يوزن استهلاك الماء والكهرباء والغاز والهاتف وغيرها ، بل أحدث ميزاناً يوزن به حرارة الهواء وضغط الجو والدم الذي يجري في عروق الإنسان وقلبه ، كما أنّه نجح نجاحاً باهراً في صناعة الكامبيوتر فأحدث تحولاً جذرياً في حياته ، حتى عرف هذا العصر بعصر الكامبيوتر ، فأصبح كمعيار لتصحيح الأغلاط التي يقع الإنسان فيها.
كلّ ذلك يعرب عن أنّ لكلّ شيء ميزاناً خاصاً يناسب وجود الشيء وليس الميزان منحصراً بماله كفتان ولسان وساقان ، وعندئذ يصحّ أن نقول : إنّ الميزان المنصوب يوم القيامة شيء أعظم ممّا وصل إليه الفكر البشري.
وخلاصة القول فيه : إنّه شيء يعلم به صالح الأعمال عن طالحها ، قلّتها
__________________
١. الحديد : ٢٥.