عن كثرتها ، والعقائد الصحيحة والباطلة ، وإن لم يعلم لنا ما هي خصوصيات ذلك الميزان.
إذا علمت ذلك فلنرجع إلى تفسير قوله سبحانه : ( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ). (١)
وقد اختلفت كلمة المفسرين في تفسير الآية ، نذكر منها ثلاثة احتمالات :
الأوّل : أنّ الوزن مصدر بمعنى التوزين ، وهو مبتدأ خبره الحق ، والمراد أنّ توزين الأعمال ومحاسبتها أمر حقّ لا سترة فيه.
الثاني : أنّ الوزن بمعنى الميزان أي ما يوزن به ، ويكون المراد أنّ ما يوزن به هو الحقّ ، فالحقّ هو الذي يعرف به حقائق الأعمال عند قياسها إليه. فكلّ عمل تمتع بقسط وافر من الحقّ ثقل الميزان عندئذٍ في مقابل عمل لا يتمتع بقسط من الحقّ أو يتمتع بشيء قليل فيخفف ميزانه. فيصبح الحقّ مثل الثقل في الموازين العرفية غير انّ الثقل فيها يوضع في كفة والمتاع في كفة أُخرى.
وأمّا الحقّ فلا يكون شيئاً منفكَّاً عن العمل ، بل بمقدار ما يتمتع به ترجح كفته.
الثالث : انّ الحقّ بمنزلة الثقل في الموازين العرفية ، ويكون له تجسّم واقعيٌّ يوم القيامة ، فبمطابقته وعدمها يعرف صلاح الأعمال عن غيرها.
والفرق بين الثاني والثالث واضح ، فإنّ الحقّ على المعنى الثاني يكون داخلاً في جوهر الأعمال فبمقدار ما يوصف به العمل من الحقّ ، وأمّا الاحتمال الثالث فالحقّ بالذات هو الموجود المجسَّم يوم القيامة ، ولا يعلم صلاح الأعمال عن
__________________
١. الأعراف : ٨ ـ ٩.