ضدها ، إلاّ بعرضها على الحقّ المجسَّم فبمقدار ما يشبهه ويناسبه يكون موصوفاً بالحقّ ، دون مالم يكن كذلك فيوصف بالباطل.
وهذا المعنى الثالث هو المستفاد من بعض الروايات ، قال الإمام الصادق عليهالسلام في تفسير قوله : ( وَنَضَعُ المَوَازِينَ الْقِسْطَ ) هم الأنبياء والأوصياء (١) ، ولعلّ أعمال كلّ أُمّة تعرض على أنبيائهم فبالمطابقة مع أعمالهم ومخالفتها معهم يعلم كونه سعيداً أو شقياً ، ويؤيد ذلك ما نقرأه في زيارة الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام حيث ورد فيه ، « السلام علىٰ يعسوب الإيمان وميزان الأعمال ». (٢)
وكأنّ الإمام أمير المؤمنين حقّ مجسّم فمن شابهه فهو ممن ثقلت موازينه ، ومن لم يشابهه فهو ممن خفت موازينه.
وإن شئت قلت : إنّ الإنسان المثالي أُسوة في الدنيا والآخرة يميّز به الحقّ عن الباطل ، بل الطيب عن الخبيث ، وهذا أمر جار في الدنيا والآخرة.
وبذلك تقف على إتقان ما روي عن الإمام زين العابدين ، وقد قال فيما كان يعظ به الناس : « ثمّ رجع القول من الله في الكتاب على أهل المعاصي والذنوب ، فقال عزّ وجلّ : ( وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ) (٣) ، فإن قلتم أيّها الناس ، إنّ الله عزّوجلّ إنّما عني بهذا أهل الشرك فكيف ذلك ، وهو يقول : ( وَنَضَعُ المَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ ) (٤) واعلموا عباد الله أنّ أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين ولا تنشر لهم الدواوين وإنّما يحشرون إلى
__________________
١. بحار الأنوار : ٧ / ٢٤٩ ، الباب العاشر من كتاب العدل والمعاد ، الحديث ٦.
٢. مفاتيح الجنان ، الزيارة الرابعة للإمام أمير المؤمنين عليهالسلام.
٣. الأنبياء : ٤٦.
٤. الأنبياء : ٤٧.