أحدكم : « اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الفتنة » لأنّه ليس أحد إلاّ وهو مبتل بفتنة ، ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلاّت الفتن ، فانّ الله سبحانه يقول : ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) ومعنى ذلك انّه يختبرهم بالأموال والأولاد ليتبين الساخط لرزقه والراضي بقسمه ، وإن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم ، ولكن لتَظْهر الأفعال التي بها يستحق الثواب والعقاب ، لأنّ بعضهم يحبُّ الذكور ويكره الإناث ، وبعضهم يحب تثمير المال ، ويكره انثلام الحال ». (١)
دلّت الأُصول التوحيدية على أنّ في صحيفة الوجود مدبراً واحداً وهو الله سبحانه ، والمحاسبة نوع تدبير لهم فلابدّ من صلتها به إمّا مباشرة أو مع الواسطة بإذنه سبحانه. غير أنّ ظاهر كثير من الآيات علىٰ أنّ المحاسب هو الله سبحانه.
قال تعالى : ( إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم ). (٢)
وقال تعالى : ( فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الحِسَابُ ). (٣)
وقال عزّ من قائل : ( إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ ). (٤)
وقال تعالى : ( وَكَفَىٰ بِاللهِ حَسِيبًا ). (٥)
وهذه الآيات صريحة في أنّه تعالىٰ هو المحاسب.
__________________
١. نهج البلاغة : من كلماته القصار ، برقم ٩٣.
٢. الغاشية : ٢٥ ـ ٢٦.
٣. الرعد : ٤٠.
٤. الشعراء : ١١٣.
٥. النساء : ٦ والأحزاب : ٣٨.