( كَذَٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا * مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا * خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلاً ). (١)
إنّ الضمير في قوله : ( خَالِدِينَ فِيهِ ) يرجع إلى الوزر بمعنى العبء الثقيل ، والخلود في الوزر كناية عن الخلود في جزائه وهو العذاب ، فينتج انّ المعرض عن الذكر يخلد في العذاب.
ولكن المراد من المعرض ليس مطلق من أعرض عن تلاوته أو عن العمل ببعض أحكامه ، بل من لا يؤمن بالقرآن فيتركه مهجوراً ، وهو يساوق الكفر ، ولذلك يصف سبحانه المعرضين عن القرآن بالكفر وعدم الإيمان ، يقول سبحانه : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الهُدَىٰ فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ). (٢)
ولا شكّ انّ المعرض بهذا النحو الوارد في الآية يساوق الكفر.
يقسّم القرآن الكريم الإنسان يوم المعاد إلى من ثقلت موازينه ومن خفت موازينه ، فيقول : ( فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ). (٣)
وظاهر هذه الآية هو خلود مطلق من خفّت موازينه في النار سواء أكان مؤمناً أم كافراً.
__________________
١. طه : ٩٩ ـ ١٠١.
٢. الكهف : ٥٧.
٣. المؤمنون : ١٠٢ ـ ١٠٣.