ومن الواضح أنّ هذه اللحظة هي آخر ما يتمكن الإنسان من الوصية والأَولىٰ أن يقدّمها على الاحتضار سواء أكان شاباً أم هرماً ، قال علي عليهالسلام : « ما ينبغي لامرئ أن يبيت ليلة إلاّ ووصيته تحت رأسه ». (١)
ويستحب أن يشهد على الوصية عدلان ، قال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ المَوْتِ ). (٢)
فالآية ترغِّب إلى شهادة عدلين من المسلمين إذا أمكن ، وإلاّ فليشهد من غير المسلمين من أهل الكتاب كما إذا كان الموصي ضارباً في الأرض ولم يجد من نحلته من يُشهده علىٰ وصيته فعليه أن يُشهد من غيرهم ، وما هذا إلاّ لأجل أن يوصد باب الأعذار على ورثة الميت ويقطع دابر الحيل التي ربما تحول دون تنفيذ الوصية.
إنّ حبّ البقاء من الأُمور التي جبل الإنسان عليها ، ولو سلب عنه ذلك الحب لأُطفئت جذوة حياته ، فحبّ البقاء مصباح منير لحياته ، كما أنّ اليأس من الحياة ظلام دامس لها; روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، انّه قال : « الأمل رحمة لأُمّتي ولولا الأمل ما رضعت والدة ولدها ، ولا غرس غارس شجرة ». (٣)
ولو كان الإنسان مطلعاً على زمان موته ومكانه لاستولىٰ عليه الحزن واليأس قبل أن يموت بسنين ، وربما يموت قبل أجله المقرر ، ولذلك يعد الجهل بزمان موته
__________________
١. وسائل الشيعة : ١٣ ، كتاب الوصايا ، باب ١ ، حديث ٧.
٢. المائدة : ١٠٦.
٣. سفينة البحار : مادة أمل.