الأُولى : ما هي صريحة أو ظاهرة في أنّ ظرف الحساب هي النشأة الأُخرى.
الثانية : ما هي ظاهرة في أنّ ظرفه هي النشأة الدنيوية ، أو مطلقة تعم النشأتين.
وعلى ضوء هذا التقسيم يكون المعنى الثاني والثالث أوفق بتفسير « سريع الحساب ».
وأمّا المعنى الأوّل الذي يفسر الحساب بالجزاء فهو أبعد من ظاهر الآية فانّه يجعل الوصف كناية عن اقتراب الساعة وهو في غاية البعد.
ولا غرو في أن يكون سبحانه سريع الحساب ، فكما هو يسمع دعاء الجميع في آن واحد ويرزقهم مجتمعين يحاسبهم كذلك.
سئل علي عليهالسلام كيف يحاسب الله الخلق علىٰ كثرتهم ؟ فقال عليهالسلام : « كما يرزقهم علىٰ كثرتهم » فقيل كيف يحاسبهم ولا يرونه ؟ فقال عليهالسلام : « كما يرزقهم ولا يرونه ». (١)
إنّ الذكر الحكيم يصف الحساب في موارد بالسوء ، ويقول : ( وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ ). (٢) وفي آية أُخرى : ( أُولَٰئِكَ لَهُمْ سُوءُ الحِسَابِ ). (٣)
وعندئذٍ يطرح السؤال التالي نفسه :
إذا كان الموكلون للحساب أُمناء صادقين فما هو الوجه في وصف الحساب بالسوء ؟
__________________
١. نهج البلاغة : قسم الحكم ، برقم ٣٠٠.
٢. الرعد : ٢١. |
٣. الرعد : ١٨. |