الحيوان ثمّ تنتقل إلى الإنسان ، وهي ترافق البدن حتى تنفصل عنه ويكون مصيرها إلى المعاد.
والقائل بتلك النظرية لو جعل مدارج الكمال متصلة لشكّلت نقطة التقاء واضحة مع نظرية صدر المتألّهين ، فانّ النفس بناء على نظريته تمرّ بمراحل النبات والحيوان والإنسان بنحو مستمر دون أن يتخلّل في الوسط انفصال وخلاء في الموضوع ثمّ تعرج نحو المعاد.
١. انّ القائلين بالتناسخ المطلق أطاحوا بالمعاد زعماً منهم بأنّ القول به يغني عن الإيمان بالحياة الأُخرى ، لأنّ غاية المعاد هو الجزاء ، وهو حاصل بالقول بالتناسخ ، ولكن عزب عنهم أنّ الغاية من المعاد لا تنحصر في الجزاء ، بل هو ضرورة في عالم التكوين لإيصال كلّ موجود إلى كماله المطلوب ، وهذا لا يحصل إلاّ بانتقال الإنسان إلى النشأة الأُخرى. وقد أقمنا براهينه الستة في صدر الكتاب.
٢. انّ النفس على القول بالتناسخ المطلق ( أي انتقال النفس من بدن إلى بدن ) لا تخلو إمّا أن تكون عرضاً منطبعة في البدن الأوّل قائمة به ، أو تكون جوهراً ، لها حظ من التجرّد ، وإن كان لها علقة بالمادة.
ففي الصورة الأُولى يلزم انتقال العرض من موضوع إلى موضوع ، وهو أمر محال ، لأنّ واقع العرض عبارة عن قيامه بالموضوع ، وهذا لا ينفك عنه أبداً ، فهناك أُمور ثلاثة :
أ. النفس في البدن الأوّل.
ب. النفس حالة الانتقال من البدن الأوّل إلى الثاني.
ج. النفس بعد الانتقال إلى البدن الثاني.