فقوله سبحانه : ( فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ) ، نظير قوله في النفخة الثانية : ( فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ ) أو قوله : ( كُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ).
يقول سبحانه : ( وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ المُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالحَقِّ ذَٰلِكَ يَوْمُ الخُرُوجِ ). (١)
والظاهر انّ الآية تشير إلى النفخة الثانية لقوله بعد سماع الصيحة : ( ذَٰلِكَ يَوْمُ الخُرُوجِ ) وقد كانت الصيحة الأُولىٰ ، صيحة الإماتة لا الخروج من الأجداث وإنّما كانت الصيحة الثانية ملاك الخروج والمثول أمام الله سبحانه.
وهناك تعابير في القرآن الكريم تنطبق مع النفخة الثانية ، وهي الصاخّة والنقر والزجرة ، يقول سبحانه : ( فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ). (٢)
والصاخّة : هي الصيحة والصوت العالي التي تكاد تصُم الآذان ، والمراد منها هي النفخة الثانية بشهادة أمرين :
الأوّل : انّه جاء بعده فرار المرء من أعزّائه ، وهي من خصائص يوم القيامة لا قبلها.
الثاني : انّ الآيات التالية تصنّف الناس إلىٰ قسمين كما في قوله تعالى :
( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ ). (٣)
__________________
١. ق : ٤١ ـ ٤٢.
٢. عبس : ٣٣ ـ ٣٧.
٣. عبس : ٣٨ ـ ٤١.