المعاد الجسماني وآراء الحكماء والمتكلّمين
قد تعرّفت علىٰ تضافر الآيات علىٰ أنّ الحشر يتعلّق ببدن جسماني مرافق للروح والنفس ، وأنّ ما خلق أوّلاً هو المعاد في الآخرة ، غير أنّه اختلفت كلماتهم في واقع هذا البدن الجسماني الذي يتعلق به الروح ، فها نحن نذكر بعض الآراء.
وحاصل كلامه : أنّ الناس علىٰ صنفين ، فصنف بلغ من الكمال درجة استغنى بها عن البدن ، ولا همّ لهم سوى الرغبة في إدراك حقائق العالم العلوي ، وصنف يسمّيهم الفارابي « بالبدنيين » على عكس الصنف الأوّل ، لا همّ لهم سوى إدراك البدن وما يترتبط بالعالم السفلي.
ويفسره صدر المتألّهين بقوله : إنّ
هؤلاء إذا فارقوا الأبدان وهم بدنيُّون وليس لهم تعلّق بما هو أعلىٰ من الأبدان ، فيشغلَهم التزامَ النظر إليها والتعلّق
بها عن الأشياء البدنية ، وإنّما لأنفسهم إنها زينة لأبدانهم فقط ولا يعرف غير الأبدان والبدنيات ، أمكن أن يعلقهم نوع تشوقهم إلى التعلّق ببعض الأبدان التي من شأنها أن تتعلق بها الأنفس لأنّها طالبة بالطبع ـ إلى أن قال : ـ ويجوز أنْ يكون
هذا