العداء ، بشهادة انّه سبحانه يقول : ( مَن يُحَادِدِ ) وهو من الحد ، والمراد مَنْ وصل إلى النهاية ، قال الطبرسي : المحادة مجاوزة الحد بالمشاقة (١). ومن الواضح أنّ هذه الطائفة هم المكذبون لأنبياء الله ورسله وهو يلازم الكفر ، فليس خلودهم في النار إلاّ رمزاً لخلود الكافر.
على أنّ سياق الآيات يدل على أنّها نزلت في حقّ المنافقين وهم الذين أبطنوا الكفر وأظهروا الإيمان.
أوعد الله سبحانه العصاة بالخلود في نار جهنم قال سبحانه : ( إِلاَّ بَلاغًا مِّنَ اللهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا * حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا ). (٢)
انّ قوله : ( وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ ) يشمل مطلق العاصي وإن كان مؤمناً مقترفاً للكبيرة ، ولكن القرائن الحافة بهذه الآية تثبت بأنّ المراد هم منكرو الرسالة الذين كانوا يحقّرون المؤمنين ، وهذه القرائن عبارة عن سياق الآيات المتقدمة عليها أو المتأخرة عنها.
إنّ الموضوع في الآيات ١٨ إلى ٢٨ هم المشركون والكافرون ، الذي جاء في ثنايا تلك الآيات بشهادة انّه يقول : ( وَأَنَّ المَسَاجِدَ للهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا ).
ويقول أيضاً : ( قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا ). (٣)
فهاتان الآيتان راجعتان إلى المشركين الذين كانوا يدعون مع الله الأصنام
__________________
١. مجمع البيان : ٣ / ٤٣.
٢. الجن : ٢٣ ـ ٢٤.
٣. الجن : ٢٠.