الدَّارِ ) (١) وقال عزّ من قائل : ( سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ). (٢)
فإذا كان المعاد عودَ الإنسان بالبدن العنصري فيكون عوداً إلى النشأة الأُولى لا النشأة الأُخرى ، وعوداً إلى الدار الأُولى لا إلىٰ عقبى الدار.
والجواب : انّ صدق العناوين المتقدّمة ليس رهن أنّ المعاد مثالي أو روحي ، بل تصدق وإن كان المعاد عنصريّاً وماديّاً ، ويكفي في تسمية أحدهما بالأُولىٰ والآخر بالأُخرىٰ ، انّ الأُولىٰ دار العمل والسعي ، والثانية دار الحصاد ، يقول أمير المؤمنين عليهالسلام : « وانّ اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل ». (٣)
أضف إلى ذلك انّ تسمية أحدهما بالأُولىٰ والآخر بالأُخرىٰ لأجل أنّ الإنسان في الدار الآخرة أكمل ممّا عليه في دار الدنيا ، لأنّ تعلّق النفس بالبدن في النشأة الأُولىٰ تعلّق تدبيري فيكون ارتباطها بالبدن ارتباطاً وثيقاً إذ لولاها لفسد البدن ، وهذا بخلاف دار الآخرة فانّ تعلّقها بالبدن بغية نيل الجزاء المادي ، أو نيل الثواب والعقاب ، ولذلك تختلف الحياة في النشأة الأُخرى عن الحياة في النشأة الدنيا من حيث الكمال.
والحاصل : انّ الدنيا والآخرة موطنان للإنسان غير أنّ أحدهما أكمل وألطف من الآخر.
إنّ للتناسخ أقساماً ، والمراد هنا تعلّق نفسين ببدن واحد ، لأنّ إعادة الإنسان
__________________
١. الرعد : ٢٢.
٢. الرعد : ٢٤.
٣. نهج البلاغة : الخطبة ٤٢.