بعينه وجمع أشلائه وأعضائه وصيرورته إنساناً سويّاً من حيث الظاهر استعد لأن يفاض عليه من الله سبحانه نفس ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر تتعلّق به نفسه المستنسخة لأجل نيل الثواب أو العقاب ، فيلزم تعلّق نفسين ببدن واحد.
يقول صدر المتألّهين : إنّ مفسدة التناسخ بحسب المعنىٰ ـ كما ذكره ـ واردة هاهنا بلا مرية ، وهي لزوم كون بدن واحد ذا نفسين ، فانّ تلك الأجزاء لو كانت قابليتها لتعلّق النفس حين التفرّق باقية ، لم تفارق عنها النفس ، فكان زيد حال الموت حياً وقد فرض ميتاً ، وإن لم تكن باقية فاحتاجت في قبولها للنفس إلى انضمام أمر إليها به يستعد للقبول فإذا انضم إليها ذلك الأمر وصارت مستعدة باستعداد آخر جديد لابدّ أن يفاض عليها من المبدأ الجواد فيض جديد وروح مستأنف ، فإذا تعلّق بها الروح المعاد أيضاً كان لبدن واحد روحان وهو ممتنع. (١)
يلاحظ عليه : أنّ هذه الشبهة إنّما تتم بناء علىٰ خلق الأرواح قبل الأبدان ، ، فلو قلنا بهذا الأصل لكان للشبهة مجال ، لأنّ إحياء الإنسان وجمع أشلائه وأعضائه يستدعي تعلّق الروح به من العالم العلوي فلو تعلّقت به النفس المستنسخة لكان تناسخاً.
وأمّا لو قلنا بأنّ الروح هي نتيجة الحركة الجوهرية للمادة ، وأنّ الجنين في مدارج تكامله وحركته يصل إلى مرتبة يتبدل إلىٰ أمر مجرّد ، دون أن ينقص من المادة شيء ، فليست الروح شيئاً مخلوقاً من ذي قبل ، وإنّما هي نتيجة تكامل المادة وتحولها إلىٰ أمر مجرد له صلة بالمادة ، ويتكامل حسب تكامل الجنين في رحم أُمّه ، كما يتكامل بعد خروجه منه.
وهذا هو الذي ارتضاه صدر المتألّهين وهو صدر الآراء ، وعلىٰ ضوء هذا فالشبهة لا تصمد أمام النقاش ، لأنّه لو كان المعاد أمراً تدريجياً وعود الإنسان إلىٰ
__________________
١. الأسفار : ٩ / ١٧٠.