عالم الحياة نظير نشأته في هذه الدنيا يلزم هنا التناسخ وتعلّق نفسين ، إحداهما نتيجة الحركة الجوهرية الثانية والتكامل التدريجي للمادة ، والأُخرى نفسه المستنسخة المتكونة من الحركة الجوهرية الأُولىٰ للمادة.
وأمّا إذا كان المعاد أمراً دفعياً كما هو الظاهر من الآيات الكريمة ، فليس هناك إلاّ نفس واحدة وهي نفسه المستنسخة ، وأمّا النفس الأُخرى فهي وليدة الحركة والتكامل التدريجي ، والمفروض انّه لم يكن هناك أي حركة وتدريج وتكامل ، بل كان إنشاءً ثانياً للبدن السوي بحيث يصلح لتعلّق النفس به.
ويدل علىٰ أنّ المعاد ، دفعي لا تدريجي آيات الذكر الحكيم :
قال سبحانه : ( فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ ). (١)
وقال تعالى : ( خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ ). (٢)
وقال عزّ من قائل : ( يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ ). (٣)
وقال سبحانه : ( ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ ). (٤)
وقال : ( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ). (٥)
إلى غير ذلك من الآيات.
نعم لو قلنا بما ذهب إليه المشّاء من خلق الأرواح قبل الأبدان ، فإذا صارت
__________________
١. يس : ٥١.
٢. القمر : ٧.
٣. المعارج : ٤٣.
٤. الزمر : ٦٨.
٥. الزخرف : ٦٦.