وقت دون أن يظلم أحد منهم.
روي عن الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام انّه قال : « إنّه يحاسب الخلق دفعة كما يرزقهم دفعة ». (١)
الوجه الثالث : انّ الحساب لا يختص بالآخرة بل يشمل الدنيا أيضاً ، سواء أكان العمل حسناً أم قبيحاً ، فيحاسب كلّ إنسان حسب عمله ويجزى علىٰ وفقه. ويجزى المحسن بتوفيقه للطاعة والإحسان ويجزى المجرم بخذلانه وحرمانه من الخير.
فكلّ عمل أعمّ من الخير والشر يعقبه الجزاء ، بيد انّ الإنسان العادي لا يدرك الجزاء ، ولكن العارف الواعي الذي يحاسب نفسه كلّ يوم يقف علىٰ جزاء عمله ، ولذلك ورد في الحديث : « حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ». (٢)
هذه هي الوجوه المذكورة في تفسير ذلك الوصف ، والوجهان الأوّلان ناظران إلى أنّ ظرف الحساب هو النشأة الآخرة ، والوجه الأخير ناظر إلى أنّ ظرفه هو النشأة الدنيوية ، ولكلّ دليل يدعمه.
أمّا الوجهان الأوّلان ، فيدل عليهما الآيات التالية التي تنص على أنّ ظرف الحساب هو النشأة الآخرة.
١. ( وَتَرَى المُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ ... لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الحِسَابِ ). (٣)
٢. ( ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الحَقِّ أَلا لَهُ الحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الحَاسِبِينَ ). (٤)
__________________
١. مجمع البيان : ١ / ٢٩٨ ; الكشاف : ١ / ٢٤٨.
٢. تفسير الصافي : للفيض الكاشاني.
٣. إبراهيم : ٤٩ ـ ٥١.
٤. الأنعام : ٦٢.