إذا انتحر إنسان فقد ارتكب جرماً آنياً ، ولكن خلّف جزاءً غير متناه وهو فقد الحياة ، فإذا صحّ ذلك في الحياة الدنيوية ، فليصح في الحياة الأُخروية ، إذ ربما يكون الشرك بالله تعالى مخلِّفاً لظلمة نفسانية توجب العذاب الدائم الذي هو من ثمرات وجوده وملكاته التي اكتسبها في النشأة الدنيوية.
وبتعبير آخر : لو كانت صلة الجزاء بالعمل صلة اعتبارية بحيث يعتبره الجاعل جزاءً للعمل كان لهذا السؤال حظٌ من الصحة ، فيقال كيف تكون الجريمة محدودة والجزاء غير محدود ؟!
وأمّا إذا كانت صلة الجزاء بالعمل صلة تكوينية علىٰ نحو يورث العمل في نفس المجرم هيئة راسخة لا تفارقه تكون مبدأ للجزاء وتعد من لوازم وجوده ، فعند ذلك يسقط السؤال لأنّ ترتّب المعلول على العلة ترتب ضروري لا يمكن تحديده بزمان أو مكان.
ولعلّ في بعض الآيات والروايات إشارة إلى ما ذكرنا ، يقول سبحانه : ( مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ) (١). كما ورد في الحديث النبوي : « الدنيا مزرعة الآخرة » والإنسان يحصد في النشأة الأُخرى ما زرعه في هذه النشأة فما يحصده عبارة عن نتائج أعماله.
يقول الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام : « العمل الصالح حرث الآخرة ». (٢)
هذا هو الجواب الإجمالي عن هذا السؤال ، وقد بسطنا الكلام حوله في بحوثنا الكلامية. (٣)
__________________
١. الشورى : ٢٠.
٢. نهج البلاغة : الخطبة ٢٢١.
٣. راجع تلخيص الإلهيات : ٤٧٤.