وقال رجل للحسن بن علي عليهماالسلام : ما لنا نكره الموت ولا نحبّه ؟ فقال : « إنّكم أخربتم آخرتكم وعمّرتم دنياكم ، فأنتم تكرهون النقلة من العمران إلى الخراب ». (١)
قيل للإمام محمد بن علي بن موسى عليهمالسلام : ما بال هؤلاء المسلمين يكرهون الموت ؟ قال : « لأنّهم جهلوه فكرهوه ، ولو عرفوه وكانوا من أولياء الله عزّوجلّ لأحبّوه ولعلموا أنّ الآخرة خير لهم من الدنيا ». (٢)
والرواية تشير إلى السبب الأوّل وهو الجهل بحقيقة الموت وانّه انتقال من الحياة الدنيا إلى الحياة الأُخرى ، ولذلك نرى أنّ علياً عليهالسلام يشتاق إلى الموت ويتحنّن إليه ، ويقول : « والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أُمّه ». (٣)
وفي خطبة أُخرى يقول عليهالسلام : « فواللّه ما أُبالي دخلت إلى الموت أو خرج الموت إليّ ». (٤)
هذه من خصائص الأولياء وميزاتهم ، حيث يستقبلون الموت بصدر رحب لأنّهم يرون الموت قنطرة من الحياة الدنيا إلى حياة طيبة ، يقول سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الحُسْنَىٰ أُولَٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ المَلائِكَةُ هَٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ). (٥)
__________________
١. البحار : ٦ / ١٢٩.
٢. معاني الأخبار : ٢٠٩.
٣. نهج البلاغة : الخطبة ٥.
٤. نهج البلاغة : الخطبة ٥٥.
٥. الأنبياء : ١٠١ ـ ١٠٣.